الجمعة، 26 سبتمبر 2025

من قواعد البيانات إلى قمة الثروات: كيف أصبح لاري إليسون أغنى رجل في العالم؟


نيويورك - أ.ق.ت  - فادى لبيب : 
في مشهد اقتصادي يتغير بسرعة هائلة، تسطع بعض الأسماء التي تعيد تعريف مفهوم النجاح والثروة. يوم أمس، دخل لاري إليسون، مؤسس شركة Oracle، التاريخ من أوسع أبوابه، بعدما تصدّر مؤشر Bloomberg لأغنى الأشخاص في العالم بثروة تجاوزت 390 مليار دولار، متفوقًا بذلك على عمالقة مثل إيلون ماسك، جيف بيزوس، وبرنار أرنو ...

وحدث ذلك صباح يوم 10 سبتمبر 2025 في سوق الأسهم في نيويورك (تحديدًا عند افتتاح التداول في بورصة نيويورك)، حيث قفزت أسهم أوراكل بأكثر من 40% بعد الإعلان عن نتائج مالية قوية وصفقات ضخمة في مجال الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي، مما رفع قيمة حصته في الشركة بشكل هائل. 

واللافت في هذا الإنجاز؟ أن إليسون لم يأتِ من خلفية صناعية، ولا من النفط أو التجارة التقليدية، ولا حتى من مجالات الإعلام أو الترفيه. بل جاء من عالم البرمجيات.
نعم، البرمجيات — وتحديدًا قواعد البيانات — كانت طريقه إلى القمة.



 من أين بدأ كل شيء؟

أسس لاري إليسون شركة Oracle سنة 1977، في وقت كان فيه مفهوم قواعد البيانات لا يزال ناشئًا، والحواسيب بالكاد بدأت تغزو الشركات.
راهن إليسون على فكرة ثورية آنذاك:

"الشركات الكبيرة بحاجة إلى طريقة مركزية ومنظمة لإدارة معلوماتها الضخمة."

طوّر نظامًا قويًا لإدارة قواعد البيانات، وأطلق عليه اسم Oracle Database، سرعان ما أصبح العمود الفقري للعديد من الأنظمة الحكومية، المصرفية، الصحية، وحتى الدفاعية.

لكن النجاح لم يكن فوريًا.
على مدى أكثر من 45 عامًا، واجه إليسون منافسة شرسة، تغيّر الأسواق، وانفجارات تقنية متتالية — إلا أنه ظل متمسكًا برؤيته، مطوّرًا لمنتجه، ومستثمرًا في المستقبل.




 Oracle اليوم: ما هي؟ ولماذا تهم؟

Oracle اليوم تُعد واحدة من أضخم شركات التكنولوجيا في العالم، وتقدم حلولًا استراتيجية في مجالات مثل:

  • قواعد البيانات (Database Systems) – وهي حجر الأساس في عمل البنوك، الحكومات، والمتاجر الكبرى.
  • الحوسبة السحابية (Cloud Infrastructure) – منافسة مباشرة لأمازون AWS ومايكروسوفت Azure.
  • أنظمة تسيير المؤسسات (ERP, HCM, CRM) – لإدارة الموارد، الموظفين، العلاقات مع العملاء… إلخ.

لا توجد شركة كبرى اليوم تقريبًا إلا وتتعامل مع Oracle بشكل أو بآخر، سواء في البنية التحتية أو البرمجيات.



 SAP مقابل Oracle: صراع العمالقة

بينما تسيطر Oracle على الحوسبة السحابية وقواعد البيانات، تجد أمامها منافسًا شرسًا في مجال ERP:
SAP الألمانية، التي تعتبر الأقوى عالميًا في إدارة أنظمة المؤسسات، خصوصًا في:

  • الطاقة
  • الصناعة الثقيلة
  • السيارات
  • البترول

SAP تتفوق على Oracle في انتشار حلولها في أوروبا والأسواق الصناعية، لكنها تبقى أقل حضورًا في السوق السحابية مقارنة بـ Oracle.




كيف تغيّر الاقتصاد العالمي؟

صعود لاري إليسون هو أكثر من قصة نجاح فردية — هو انعكاس لتحوّل اقتصادي أعمق يحدث أمام أعيننا.
نحن نعيش في عصر التحول من الاقتصاد الصناعي إلى الاقتصاد المعرفي.

@ البيانات (Data) أصبحت هي الأصل الأغلى.
@ الذكاء الاصطناعي (AI) هو المحرك الجديد للإنتاجية.
@ البرمجيات هي البنية التحتية للعالم الحديث.

كلما زادت البيانات، زادت الحاجة لقواعد بيانات متقدمة. وكلما زاد الذكاء الاصطناعي، زادت الحاجة إلى بنى تحتية قوية مثل التي توفرها Oracle.

المستثمرون يدركون هذا التحول، ولهذا تتجه الأموال الذكية نحو شركات التكنولوجيا، السحاب، والبرمجيات.




 الدرس الأهم: الصبر، الرؤية، والاستثمار في المستقبل

قصة لاري إليسون تقدم دروسًا عملية لأي شخص يفكر في دخول عالم التكنولوجيا أو الاستثمار فيه:

  1. ابدأ حتى لو كنت متأخرًا أو السوق غير ناضج.
  2. الرهان على البرمجيات والبيانات ليس موضة، بل اتجاه استراتيجي.
  3. الثروات القادمة ستكون من التكنولوجيا، لا من المصانع.
  4. الصبر الطويل والثقة في الفكرة أهم من المكاسب السريعة.



وأخيرا فأن يصبح رجل جاء من خلفية متواضعة، وراهن على برمجيات قواعد البيانات، هو أغنى شخص في العالم…

فهذا ليس فقط إنجازًا شخصيًا، بل رسالة واضحة:

"المستقبل لا يُصنع في مصانع الحديد، بل في عقول المبرمجين، ومراكز البيانات، وأكواد البرمجيات."


 

فلقد شكّل هذا التحوّل مفاجأة ضخمة في قائمة أثرى الأشخاص، ولفترة وجيزة فقط ظل إليسون في الصدارة قبل أن تسترجع بعض الأسهم جزءًا من مكاسبها لاحقًا وتعود الموازين إلى المنافسة بين كبار المليارديرات. 


 والسؤال الحقيقي الآن :

هل ستكون جزءًا من هذا المستقبل .. أم ستبقى مجرد متفرج؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ads by google